يتحدث الكثير من الناس حول النظافة التعقيم في أيامنا الحالية للوقاية من فيروس كورونا، وبات مسطر في أعراف الأوساط الطبية أهمية النظافة والتعقيم في الوقاية من الأوبئة والأمراض، ولكن يتجاهل العالم اسم العالم صاحب الفضل في إدخال النظافة للوقاية من الأوبئة وهو جون برينغل، وستكشف السطور القادمة عن حقيقة الرجل الذي أدخل النظافة للوقاية من الأوبئة.
حقيقة الرجل الذي أدخل النظافة للوقاية من الأوبئة
كشف ريتشارد كونيف، الباحث في تاريخ العلم، وصاحب كتاب مملكة العناكب، أنه فى أعقاب انتصار بريطانيا على فرنسا عام 1743، كان نحو 1500 جندى بريطانى غير جريح، لكن مصابين بأمراض مميتة يمشون بتثاقب في مجموعات غير منتظمة إلى مستشفى عام فى قرية تقع طرف مدينة فرانكفورت الألمانية هناك، تم تحديد رجلين منهم أو أكثر فى سرير وحشروا معا على الأرض، كان معظم هؤلاء المرضى مصابا بالزحار ، وبذلك لم يكن بد من أن يكون كل شىء ملطخا بالبراز والبول والدم والعرق والقىء، كان المكان يعج بالبراغيت والقمل، ثم ما لبثت حتى التيفوئيد أن حلت محل الزحار، فمات الجنود بالمئات>
حقيقة الرجل الذي أدخل النظافة للوقاية من الأوبئة
وأكد كونيف في العرض الذي بثته قناة 'ناشيونال جيوغرافيك' الأمريكية، أنه كان 'جون برينغل ' ، وهو طبيب عسكرى، مشاركا فى أول حملة له عندما شهد موت هؤلاء الجنود وقد أصابه الرعب، وأصبحت الأفكار التى طورها لمنع الأمراض من الحدوث لإحدى التعابير الأولى بشأن نظرية القذارة ومفاد هذه الأخيرة ، باختصار ، أن الأوساط القذرة تعزز نشوء الأمراض، وأن الصرف الصحى يساعد على منع نشوئها
ولد برينغل عام 1707 وكان أصغر مولود لعائلة تنتمى إلى فئة النبلاء الأدنى فى اسكتلندا وكان قد اكتسب احترام الناس بفضل المحاضرات التي كان يلقيها فى ' جامعة إدنبره' فى الفلسفة الأخلاقية والطبيعية، التى كانت تعنى فى معظمها التعلم عن العالم الحى بالتجريب والمراقبة والاستدلال الاستقرائى وعندما اندلعت حرب الخلافة النمساوية ، فاز الرجل بمنصب كبير الأطباء المشرف على كامل القوات البريطانية البالغ قوامها 16 ألف جندى ، ولم يمض وقت طويل قبل أن يثبت جدارته.
حقيقة الرجل الذي أدخل النظافة للوقاية من الأوبئة
قدر برينغل أن الجيش البريطانى كان قد فقد ربع قوته نتيجة المرض وحده خلال حملة عام 1743، فسعى إلى تغيير ذلك الواقع باستخدام القيادة العسكرية فى تحويل أفكاره المستبصرة إلى أوامر، وأثناء تحديد مواقع للمعسكرات، أوعز إلى ضباط التموين أن يتفادوا المناطق الرطبة التى تفتقر إلى التهوية وأن يحفروا مراحيض ملائمة سلفا.
وكانت المستشفيات عدو الجنود الكبير الثاني، ولاحظ برينغل أن الرجال المعالجين فى المعسكر لا المستشفى العام كانوا يتحاشون إجمالا' حمى المستشفيات' (وهو الأسم كان يطلق سابقا على حمى التفوئيد)، وبذلك أصبح إبقاؤهم فى المعسكر هو الإجراء الأساس المتبع أينما تيسر ذلك لاحقا، صدرت أوامر بأن تكون الأماكن المخصصة للمرضى فى المستشفيات نظيفة وجيدة التهوية، بمساحة مفردة لكل رجل لا تقل عن ثلاثة أمتار مربعة ، كما أمر بتغيير أغطية الأسرة مرارا، وأتت هذه الإصلاحات ثمارها سريعا، إذ تقلص معدل الوفيات فى المستشفى العام إلى أدنى من النصف ، من 21.4 بالمئة عام 1743 إلى 9.8 بالمئة على مدى العاميين التاليين من القتال.
وفى عام 1752، أصدر برينغل كتابه الذى حمل عنوان' ملاحظات عن أمراض الجيش'، ومر الكتاب بإصدارات عديدة على مدى العقدين التاليين، ووصلت رسالته الصحية إلى مختلف أقسام المؤسسة العسكرية العسكرية البريطانية، وأتاحت الترجمة وصول رسالته إلبى القوات المسلحة الفرنسية والألمانية والإيطالية، وما لبث المدافعون الأوائل عن الصحة العامة أن شنوا حرب جديدة ولكن في مدن الثورة الصناعية.