استقبل الأستاذ الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، صباح اليوم السيد أندريه بلينكوفيتش، رئيس وزراء جمهورية كرواتيا، في إطار الزيارة الرسمية التي يقوم بها إلى مصر. حيث قام رئيس الوزراء بجولة تفقدية في مكتبة الإسكندرية، تعرف خلالها على أهم مقتنيات المكتبة ومشروعاتها، ثم ألقى محاضرة بعنوان "البحر الأبيض المتوسط: تراثنا المشترك، ومستقبلنا المشترك".
رحب الأستاذ الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، بالسيد أندريه بلينكوفيتش، رئيس وزراء كرواتيا، معربًا عن سعادته باستقبال رئيس الوزراء في مدينة الإسكندرية التاريخية. وأكد أن العلاقة بين مصر وكرواتيا قوية واستراتيجية، وأن هذه الزيارة تعكس دور الثقافة في هذه العلاقة، بالإضافة إلى اهتمام الجانبين ببناء الإنسان وتعزيز السلام في ظل النزاعات القائمة في العالم.
وقال زايد: "اليوم نتحدث عن البحر المتوسط الذي يعد مهد الحضارات وملتقى للتواصل بين إفريقيا وآسيا وأوروبا"، مؤكدًا الأثر العميق للمنطقة على الثقافة الإنسانية عبر العصور. وأضاف: "نحن نجتمع اليوم للحديث عن تاريخنا المشترك وأيضًا التحديات التي تواجهنا في المستقبل والتي لا يمكن مواجهتها إلا من خلال الحوار البناء والتعاون المشترك".
من جانبه، رحب الفريق أحمد خالد حسن سعيد، محافظ الإسكندرية، برئيس الوزراء الكرواتي في مدينة الإسكندرية، مدينة الثقافة ومنارة الحضارة والمعرفة. وأضاف: "نفخر باختيار الإسكندرية كأول عاصمة للثقافة والحوار في منطقة المتوسط لعام 2025". وأكد أن الإسكندرية لطالما كانت ملتقى للحوار والتبادل بين الثقافات في البحر المتوسط على مر التاريخ.
كما لفت إلى عمق العلاقات الثقافية والاقتصادية القوية التي تجمع مصر وكرواتيا، مشيرًا إلى عقد المنتدى الاقتصادي المصري الكرواتي وتوقيع اتفاقيات تعاون بين الجانبين لتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي، معربًا عن أمله في زيادة الروابط والشراكات بين البلدين خلال هذه الزيارة الهامة.
وفي كلمته، قال السيد أندريه بلينكوفيتش إن من دواعي فخره الوقوف اليوم في مكتبة الإسكندرية التي تحمل إرث واحدة من أكبر مراكز المعرفة في التاريخ، وتظل بعد إحيائها عام 2002 منارة لتبادل المعرفة والثقافة. وأكد أن الحضارات لا تزدهر بالقوة فقط، بل أيضًا بالحكمة والحوار والسعي وراء المعرفة.
وأشار بلينكوفيتش إلى أن علاقة الصداقة القوية التي تجمع مصر وكرواتيا مرتبطة بشكل كبير بالبحر الأبيض المتوسط والتقاليد البحرية الثرية، بالإضافة إلى الالتزام المشترك بتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة والعالم. وأضاف أن موقع كرواتيا الجغرافي يمنحها العديد من المميزات ويعزز التعاون التجاري مع مصر، خاصة الإسكندرية.
كما أكد رئيس وزراء كرواتيا أن مصر تعد ركيزة للسلام ومحركًا أساسيًا للتقدم في المنطقة، مشيدًا بحكمة مصر في التعامل مع التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط وقدرتها على الاستشراف الاستراتيجي. وذكر أن مصر حققت إنجازات كبيرة مثل قناة السويس الجديدة وتطوير العاصمة الإدارية الجديدة ومشروعات البنية التحتية، وهي دليل على قدرة مصر على تحقيق التقدم والازدهار.
وأشار بلينكوفيتش إلى أن الروابط التي تجمع مصر وكرواتيا متجذرة في التاريخ، لافتًا إلى أن العديد من الشخصيات ساهمت في تعزيز التبادل الثقافي والمعرفي بين البلدين، من بينها جوهر الصقلي مؤسس مدينة القاهرة الذي تعود أصوله إلى كرواتيا. كما ذكر استقبال مصر لحوالي 26 ألف مواطن كرواتي في السويس خلال الحرب العالمية الثانية، ومشاركة عدد من الشركات الكرواتية في الحملة الدولية لإنقاذ معبدي أبو سمبل وإنشاء السد العالي.
كما أعرب عن سعادته بتواجد وفد كبير من رجال التجارة والأعمال خلال زيارته إلى مصر، مؤكدًا التزام كرواتيا بالشراكة الاستراتيجية مع مصر، أكبر دولة في المنطقة. وأكد أن من أبرز محاور التعاون في منطقة البحر المتوسط هي الأمن والاستقرار، التقدم الاقتصادي، وحماية البيئة.
وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه المنطقة، شدد بلينكوفيتش على أهمية قضية الهجرة، وأعرب عن تقدير كرواتيا للجهود المصرية في الحد من الهجرة غير الشرعية واحتواء عدد كبير من اللاجئين. كما أكد أن كرواتيا ترحب بوقف إطلاق النار في غزة، وتدعو لاستكمال المفاوضات لتنفيذ الاتفاق، مشددًا على أن أي دعوة للتهجير القسري غير مقبولة، وتتنافى مع القانون الدولي.
في الختام، قال رئيس وزراء كرواتيا: "البحر الأبيض المتوسط ليس مجرد بحر، بل هو مكان لتفاعل الثقافات والأديان والتاريخ، واليوم نواجه تحديات ملحة. فالتغير المناخي يهدد سواحلنا، والهجرة تختبر تضامننا، وعدم اليقين العالمي يختبر وحدتنا وقيادتنا، لذا يجب أن نستثمر في التعليم، البحث والتنمية المستدامة، وتعزيز الروابط بين الشعوب".