حكم التضحية بالطيور من أبرز ما أثار الجدل في الفترة الأخيرة، وذلك بعد تصريحات الدكتور سعد الدين الهلالي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر بجواز التضحية بالطيور، إذ نفاها كل من الأزهر ودار الإفتاء المصرية في منشوراتها التوعوية بأحكام تضحية عيد الأضحى وعدد المشتركين فيها.
إذ نشر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية رد حاسم على الجدل حول حكم التضحية بالطيور على صفحتها الرسمية على الفيسبوك، وأكدت قائلة: 'لا تجزئ الأضحية إلا من بهيمة الأنعام' وأوضحت شروط الإشتراك في الأضحية كما نوضحها في السطور التالية.
حكم التضحية بالطيور
أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن الأضحية لا تتم إلا ببهيمة الأنعام من البقرة أو النقاة أو الشاة من الضأن أو المعز، وأكدت قائلة: 'فمن شروط الأضحية أن تكون من بهيمة الأنعام، وهي: الإبل والبقر والغنم بسائر أنواعها، وتشمل الجاموس والمعز، ولا يُجزئ غيرها من الحيتان والطيور وسائر الحيوانات'.
وذكرت الدليل من القرآن الكريم في منشورها: 'لقول الله سبحانه وتعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۗ فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا ۗ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ}. [الحج: 34]'.
وأضافت أقوال جمهور الفقهاء 'يقول الإمام ابن قدامه: (وَلَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ غَيْرُ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ). [المُغنِي]، ويقول الإمام النووي: (فَشَرْطُ الْمُجْزِئِ فِي الْأُضْحِيَّةِ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَنْعَامِ، وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ جَمِيعُ أَنْوَاعِ الْإِبِلِ، وَجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْبَقَرِ، وَجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْغَنَمِ مِنْ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ وَأَنْوَاعِهِمَا، وَلَا يُجْزِئُ غَيْرُ الْأَنْعَامِ مِنْ بَقَرِ الْوَحْشِ وَحَمِيرِهِ وَغَيْرُهَا بِلَا خِلَافٍ). [المجموع].
التشكيك في شريعة الأضحية
رد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية على ما ورد مؤخرًا من التشكيك في شريعة الأضحية وقالت في منشورها: 'والأضحية سُنَّةٌ مؤكدة على القادر عليها من المسلمين، على قول جمهور الفقهاء، وهو الرَّاجح'.
كما ذكرت الدليل من السنة النبوية مضيفة: 'استدلوا بحديث سيدنا رسول الله ﷺ: «إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا» [أخرجه مسلم]؛ فقوله ﷺ: «وأراد أحدكم» دليل على سُنيّة الأُضْحِيَّة وعدمِ وجوبها'.
وذكرت الرأي الآخر الذي يدل على وجوب شريعة التضحية قائلة: 'بينما ذهب الحنفية إلى أنها واجبة على المقيمين الموسرين'.
الاشتراك في الأضحية
أوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية من خلال منشورها حول الاشتراك في الأضحية وذلك فيما يعني أن الإبل والبقر والجاموس يجزوا عن سبع أفراد، بينما الشاه والضأن والمعز يجزي عن فرد واحد وأهل بيته مهما كثروا، وهذا ردًا على ما حدث منن جدل حول إجازة الإشتراك في الضأن والمعز بسبب غلاء الأسعار.
إذ قالت: 'ويجوز الاشتراك في الأُضْحِية إذا كانت من الإبل، أو البقر والجاموس فقط، وتجزئُ البقرة أو الناقة عن سبعة أشخاص ومن يعولونهم، وهو قول جمهور الفقهاء، ولا يجزئ الاشتراك في أقل من السُّبْع عن الواحد ومن يعول من أهل بيته؛ لما روي عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «نَحَرْنَا بِالْحُدَيْبِيَةِ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ». [أخرجه ابن ماجه]'
وأضافت 'وتجزئ الشَّاة من الضَّأن أو المعز في الأضحية عن الشَّخص الواحد وعن أهل بيته مهما كثروا، إذا كانت مملوكة له، وضحى بها، من باب التَّشريك في الثَّواب، غير أنها لا تجزئ في أضحية أكثر من شخص إذا اشتركوا في ثَمَن شرائها'.
كما ذكرن 'فعن عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قالَ: سَأَلْتُ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ: كَيْفَ كَانَتِ الضَّحَايَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله ﷺ؟ فَقَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ حَتَّى تَبَاهَى النَّاسُ، فَصَارَتْ كَمَا تَرَى». [أخرجه الترمذي]'.
وجوب الأضحية
وعن وجوب الأضحية ذكرت أنه الأضحية غير واجبة على الفقير من أجل أن يقرر التضحية بما يتيسر عنده من الطيور أو غيرها مما لا يجزي التضحية، وهذا لما فيه من تكليف ومشقة وتعسير بما لا يكلفه الشرع.
إذ ورد في هذه النقطة في المنشور: 'ولا وجهَ مَقَاصِدِيَّ معتبرٌ لدفع فقير للتضحية بما تيسر عنده من الطيور أو نحوها مما لا يُجزئ، مع كون الأضحية غير واجبة عليه؛ بل في ذلك تكليفٌ بما لم يُكلِّفه الشرع به، ومشقّةٌ وتعسيرٌ، وإلزامٌ بما استقر رُجُوحُ القولِ فيه: إنه من السنة المؤكدة على المستطيع'.
وأضاف مركز الأزهر العالمي في منشوره: 'وبقاء ما استقرَّ من الأحكام الصَّحيحة المناسبة للمجتمع، المراعية للحال والمآل على صورتها؛ لمن أهم مظاهر حُسن الفَهم، والتَّفَقُّه، والتَّرفُّق بالنَّاس، كما أنها من دليل رحمةِ شريعة الإسلام الغراء'.
وختم مركز الأزهر منشوره بذكر تضحية الرسول صلى الله عليه وسلم عن المسلمين الغير قادرين إذ قال: 'من جبر خاطر غير القادرين على الأضحية من الأمة أن سيدنا رسول الله ﷺ ضحَّى عنهم، فإذا كان القادر قد ضحَّى عن نفسه وأهل بيته، فإن غير القادر ضحَّى عنه سيد الأنام ومسك الختام ﷺ؛ فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، وأبي هريرة رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ، اشْتَرَى كَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ، فَذَبَحَ أَحَدَهُمَا عَنْ أُمَّتِهِ لِمَنْ شَهِدَ لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ وَشَهِدَ لَهُ بِالْبَلَاغِ، وَذَبَحَ الْآخَرَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» [أخرجه ابن ماجه]'.