شهدت الساحة السورية تحولات دراماتيكية في الأيام الأخيرة، إذ سقط نظام الأسد بشكل مفاجئ، بعد سنوات طويلة من الصراع والدمار.
هذا التغيير الجذري في المشهد السياسي السوري يفتح الباب أمام أسئلة كثيرة حول مستقبل سوريا والمنطقة بأسرها، فما هي الأسباب التي أدت إلى سقوط النظام؟ وما هي التداعيات المتوقعة لهذا التغيير؟ وما هي ملامح المرحلة المقبلة؟
رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم كالن
شهدت المنطقة تحولاً استراتيجياً كبيراً مع زيارة رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم كالن إلى دمشق، في ديسمبر 2024، فبصفته أحد أهم صناع القرار في تركيا، تحمل هذه الزيارة دلالات عميقة حول التوجه التركي الجديد في سوريا.
فبعد سنوات من التوتر والعداء، بدأت أنقرة تخطو خطوات جريئة نحو تطبيع العلاقات مع النظام السوري، وهو ما يمثل تحولاً جذرياً في المشهد الإقليمي.
تكتسب هذه الزيارة أهمية خاصة في ظل التنافس الشديد بين تركيا وإيران على النفوذ في سوريا، فبعد أن تمكنت تركيا من تحقيق مكاسب ميدانية مهمة في شمال سوريا، وتراجع نفوذ إيران وحلفائها بشكل ملحوظ، تأتي هذه الخطوة لتؤكد على الطموحات التركية في إعادة رسم خريطة النفوذ في المنطقة، كما أنها تمثل ضربة قوية لإيران التي كانت تعتبر سوريا ساحة حرب بالوكالة ضد خصومها الإقليميين.
زيارة كالن إلى الجامع الأموي، أحد أبرز المعالم التاريخية في دمشق، تحمل في طياتها دلالات رمزية عميقة، فاختيار هذا المكان بالتحديد للتواصل مع المسؤولين السوريين يعتبر رسالة واضحة حول الرغبة التركية في إعادة تأكيد جذورها التاريخية في المنطقة، وإعادة بناء العلاقات على أساس المصالح المشتركة.
هذه الزيارة تعيد للأذهان فترة العثمانيين عندما كانت سوريا جزءاً من الإمبراطورية العثمانية، وتثير تساؤلات حول مدى استعداد تركيا لاستعادة دورها القيادي في المنطقة، كما أنها تفتح الباب أمام سيناريوهات مختلفة، منها إمكانية قيام تحالف تركي - سوري لمواجهة التحديات المشتركة، أو حتى إعادة رسم الحدود في المنطقة'.