زار فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، اليوم السبت، يرافقه وفدٌ رفيعُ المستوى، قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية؛ للتهنئة بأعياد الميلاد، داعيًا المولى -عز وجل- أن يعيد المناسبات السعيدة على مصرنا الحبيبة؛ بمسلميها ومسيحييها، وأن يرزقها الأمن والأمان وأن يوفِّر لها كل سبل التقدم والرخاء.
وفي بداية اللقاء، قال شيخ الأزهر: جئنا هنا لنجدد حبل المودة والصداقة والتآلف والتعارف، ولنعبِّر عما في قلوبنا من مودَّةٍ وأُخوَّةٍ، جئنا مدفوعين بما تعلمناه في القرآن الكريم ومن سنة نبينا ﷺ، من تكريم للتوراة والإنجيل وللمسيح عيسى ابن مريم، قال تعالى: {وَقَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ}، وما تربينا عليه في الأزهر وتأسَّس في وجداننا من ثناء القرآن الكريم ورسول الإنسانية والسلام على المسيح عيسى ابن مريم، قال رسول ﷺ: 'أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، في الأُولَى وَالآخِرَةِ قالوا: كيفَ يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: الأنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ مِن عَلَّاتٍ، وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ، فليسَ بيْنَنَا نَبِيٌّ).
ضرورة تسخير هذه المناسبات للمطالبة بوقف المأساة والعدوان
كما أكَّد شيخ الأزهر ضرورة تسخير هذه المناسبات للمطالبة بوقف المأساة والعدوان الذي يتعرَّض له إخواننا الأبرياء في غزة منذ أكثر ما يزيد على خمسة عشر شهرًا، مصرحًا: لا يمكن أن نفرح وإخواننا لا يطعمون الطعام ولا يشربون الشراب، وإنما يطعمون الموت ويتذوَّقون مرارة الفقد، ويعانون إبادةً جماعيَّة وتطهيرًا عرقيًّا في ظل صمتٍ وخزيٍ لم يسبق لهما مثيل، مشيرًا فضيلته إلى أنَّ منع وصول المساعدات الإنسانية في ظل المطر الشديد والظروف المناخية الصعبة هو سلوك معادٍ للإنسانية، متسائلًا فضيلته: لماذا هذه القسوة المدعومة بهيئات عالمية صورت نفسها بأنها وُجدت لحفظ السلام وحقن دماء الأبرياء، ولكن الواقع كشف عن ضعف هذه الهيئات وعدم قدرتها على اتخاذ موقف جاد لوقف شلالات دماء الأبرياء من الأطفال والنساء، الذين لم يقترفوا ذنبًا إلا أنهم حاولوا التشبث بأرضهم والبقاء فيها.
الروح الأخوية التي تجمع المصريين
من جانبه، رحب قداسة البابا تواضروس بشيخ الأزهر والوفد المرافق له، مؤكدًا أنَّ هذه الزيارة تعكس الروح الأخوية التي تجمع المصريين؛ مسيحيين ومسلمين، متمنيًا أن تأتي الأعوام القادمة على العالم أجمع بالخير والسلام والاستقرار، مصرحًا قداسته: 'أشعر بمقدار الودِّ والمحبة والمشاعر الطيبة التي تربطني بشيخ الأزهر، ونتبادل الأحاديث والنقاشات حول مختلف القضايا، وهو ما يكشف قدر الوحدة والأخوَّة الموجودة على أرض مصر، دعواتنا دائمة من أجل استمرار هذه اللحمة الوطنية القوية ونموها'.
لا يمكن صناعة السلام والقلوب مملوءة بالخطايا والشر
وأكد قداسة البابا تواضروس أنه لا يمكن صناعة السلام والقلوب مملوءة بالخطايا والشر، وفي ظل غياب الإخلاص والأمانة، لافتًا إلى أنَّ عملية صناعة السلام هي صناعة ثقيلة، ونحن مأمورون بها في تعاليمنا الدينية، مؤكدًا دور علماء الدين ورجالاته في حفظ إنسانية الإنسان وسعادته، وَفقًا للتعاليم الدينية، وتوجيه سلوكه ليكون فاعلًا أساسيًّا في صناعة هذا الكون وتسخيره فيما ارتضاه الخالق، ومجابهة الاتجاه السائد لإنكار الخالق، وارتفاع نبرات الإلحاد والقتل والصراعات، وما نعانيه من شرٍّ ينزع إنسانية الإنسان، وهو ما أدَّى إلى زيادة حدة الصراعات والعنف في العالم.
ورافق شيخ الأزهر خلال الزيارة معالي أ. د. أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، ومعالي أ. د. نظير عياد، مفتي الديار المصرية، ومعالي أ. د. محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، ومعالي أ. د. سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، وفضيلة أ. د. عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، رئيس مجلس المنظمة العالمية لخريجي الأزهر.
كما ضمَّ الوفد: الشيخ أيمن عبد الغني، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، أ. د. محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أ. د. سحر نصر، المدير التنفيذي لبيت الزكاة والصدقات المصري، أ. د. نهلة الصعيدي، رئيس مركز تعليم الطلاب الوافدين بالأزهر، أ. د. محمود صديق، نائب رئيس جامعة الأزهر، أ. د. محمد أبو زيد الأمير، المنسق العام لبيت العائلة المصرية، أ. د. محمد البيومي، الأمين العام للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، المستشار محمود إبراهيم، المستشار بمجمع البحوث الإسلامية وقطاع المعاهد الأزهرية، الدكتور أحمد مصطفى، السكرتير الخاص لشيخ الأزهر، الدكتور أحمد بركات، مدير المركز الإعلامي بالأزهر، الأستاذ أحمد عبد الهادي، مدير عام مراسم شيخ الأزهر.