اعلان

طارق متولي يكتب: حكايات مصر القديمة (3).. الملك سقننرع وولداه كامس وأحمس قاهرا الهكسوس

طارق متولي
طارق متولي

استمر جهاد المصريين ضد الهكسوس متخذين طيبة فى الجنوب مركزا لحركة التحرر الكبرى والتخلص من الاحتلال حتى تحقق لهم النصر تحت راية أهم ثلاثة ملوك فى آخر حكم الأسرة السابعة عشر ١٥٨٠ - ١٥٥٠ ق.م، وهم سقننرع وولداه كامس وأحمس.

فبينما كان الملك سقننرع يحكم مدينة طيبة فى الجنوب والملك إيبى ملك الهكسوس فى "حة وعرة" أو هوارة، فى نواحى الفيوم، كان ملك الهكسوس قد بدأ يشعر بالقلق لعدم سيطرته على حكم مصر بالكامل بسبب ظهور الملك سقننرع والتفاف الشعب حوله، وما يقوم به من استعدادات عسكرية لمواجهته وهزيمته، حتى إنه بدأ يجمع مستشاريه ليأخذ رأيهم فى كيفية القضاء على الملك المصرى فى طيبة سقننرع وراح يتبادل معه رسائل التهديد والوعيد، مما دل على شعوره بالخوف والقلق.

وقد صورت بردية قديمة لطالب مصرى يدعى بنتاوره هذه المرحلة، وصورت نهاية حكم سقننرع فى مرحلة جهاده، وذلك عن طريق صورة لرأس سقننرع والتى عثر عليها فى طيبة الغربية، وقد توجتها خمسة جراح عميقة من ضربات سيف ومقمعة وبضعة سهام، مما دل على بداية الجهاد المسلح فى عهده واستبساله واستماتته فى الحرب ضد الهكسوس، وقد توفى وهو لا يزال فى أوائل الثلاثينات من عمره.

بعدها خلفه فى الحكم ولده كامس، فتولى زعامة طيبة وعزم على استكمال كفاح أبيه فى تحرير البلاد والتخلص من المحتلين العامو (الهكسوس)، وقد صورت جهاده وجهاد رجاله ثلاثة نصب أقامها فى الكرنك بالأقصر، ودرس تاريخ كتبه طالب على لوحة خشبية صغيرة، وقد صور الدرس مراحل جهاد الملك كامس ووصفه بأنه كان ملكا فاضلا وشجاعا، ويذكر من كلامه لأهل بلاطه الذين كان بعضهم يشير عليه بعدم الهجوم على الهكسوس والاكتفاء بالتحصن فى طيبة أنه قال لهم "سوف أحارب العامو، وسوف يحالفنى النجاح، وقد تباكى بعضكم ولكن البلاد سوف ترحب بى أنا الحاكم الجسور فى طيبة، أنا كامس حامى حمى مصر).

وبهذه الروح القوية انطلق كامس بجيشه المصرى، وهرع إليه أهل الشرق والغرب فى مصر وناصروه وأيدوه وأمدوا جيشه أينما حل بالإمدادات والمؤن.

بدأ بمصر الوسطى فطهرها من الهكسوس، ثم شمال الوادى، وعمل على قطع الإمدادات التى كانت تصل إلى الهكسوس فى عاصمتهم هوارة عن طريق فروع النيل، وحقق كامس انتصارات كبيرة على الهكسوس، وأحكم الحصار الاقتصادى عليهم، وأجبر والى كاش الجنوبية، وهى بلاد النوبة الحالية، أن يوقف صداقته مع الهكسوس بعد أن شن حملة عسكرية على كاش الجنوبية حتى أصبح الهكسوس محاصرين فى مدينتهم حة وعرة هوارة فى انتظار المعركة الفاصلة لإجلائهم عن مصر تماما، والتى سيقوم بها أحمس خليفة كامس وأخوه وذلك بعد وفاة كامس فى ظروف غير معروفة قبل أن يخوض هذه المعركة، وربما حدث بعض القلق بعد وفاته لكن خلفه أحمس فأتم عمل أخيه وأبيه.

فبعد إعداد الجيش وشحذ الشعب واستفادة المصريين من الخيول والعجلات الحربية التى عرفها المصريون من الهكسوس أنفسهم واستخدموها لهزيمتهم وطردهم من البلاد، توجه أحمس بجيشه وحاصر عاصمة الهكسوس المعقل الأخير فى هوارة، حيث دارت معارك حولها فى البر وفى الماء، حتى أعلن الهكسوس التسليم للملك المصرى أحمس، وأن يغادروا مصر بشرط أن يتركهم يخرجوا آمنين، فوافق الملك المنتصر أحمس، فخرجوا من مصر وأخذوا معهم أمتعتهم، وكانوا لا يقلون كما ذكر المؤرخ يوسيفوس اليهودى عن ٢٤٠ ألف شخص (هم فى الغالب وأولادهم ونساؤهم).

وانتهت قصة الهكسوس المحتلين وخرجوا من مصر غرباء كما دخلوها.

استردت مصر وحدتها وقوتها وراحت تتطلع لبناء دولتها الحديثة مع بداية عصر الأسرة الثامنة عشر.

وإلى لقاء آخر وحكاية جديدة من تاريخ مصر القديمة بإذن الله.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً