لم تكن اصابة شقيقى بنزيف فى المخ وكسور متفرقة بأنحاء الجسم وغيابه التام عن الوعى بسبب تعرضه لحادث كبير على طريق بنها كفر شكر، الا قصة من قصص المعاناة والألم التى نقابلها فى حياتنا مؤمنين بقضاء الله وقدرة وصابرين على البلاء ايا كان حجمه وحامدين الله، والذى لايحمد على مكروه سواه، ففي الصبر على البلاء قوة، ولكل شدة مدة ولكل ضيق متسع.
وفى غرفة العناية المركز بمستشفى بنها الجامعى يمكث شقيقى منذ اكثر من اسبوعين، وتشاء الاقدار ان اقضى هذه المدة فى معية أقارب المرضى الذين يرافقون ذويهم فى مكان مخصص للاهالى متضرعين الى الله ان يمن عليهم بالشفاء العاجل فانه ولي ذلك والقادر عليه.
لقد أصبحت غرف العناية المركزة داخل المستشفيات شبحاً مخيفاً وبيئة كئيبة ليس للمرضى وحدهم، بل طالت الاهل والاقارب، وكذلك العاملين بها من أطباء وتمريض وفنيين وخدمات مساعدة، وغدت في الآونة الأخيرة مكتظة بالمرضى بمختلف معاناتهم، وخاصة ضحايا الحوادث المرورية، وبات البحث عن سرير شاغر أمراً في غاية الصعوبة والمنال.
على مدار 15 يوما رصدت طبيعة الحياة لمرضى مقيدة حياتهم بأجهزة إلكترونية ومتابعة دقيقة من فريق طبى مدرب على اعلى مستوى تعليمى ومهنى بالاضافة الى تمتعهم بكل معانى المفردات الانسانية والتفانى فى العمل ابتغاء مرضاة الله ومن اجل تخفيف الآلام عن المرضى، فهذا هو العطاء غير المحدود والاخلاص بلا قيود والاحترام غير المشروط.
إن بيئة العناية المركزة بيئة مخيفة للمرضى وأقاربهم، حيث يجدون أنفسهم فجأة وبلا مقدمات محاطين بوجوه غريبة وأصوات مزعجة وتجارب مريرة، رغم أن المرضى أحياناً يكونون غائبين عن الوعي تحت تأثير المرض أو التخدير أو المهدئات، إلا أن أقارب المرضى يعانون من إقحامهم المفاجئ في وضع يرون فيه مريضهم محاطاً بالأجهزة المختلفة، ومستقبله يحوطه الغموض.
ولا يسلم الفريق الطبى من أثر بيئة العناية المركزة المتوترة، إذ هم أيضاً عرضة للإحباط والاكتئاب عندما يرون الحالات المستعصية والإصابات القاتلة تخطف الأعمار يوماً بعد يوم وخصوصاً من الشباب والأطفال والسبب إصابات الحوادث والسيارات التي استشرى خطرها واستفحل شرها فطال كل عائلة، إذ لا يخلو بيت من البيوت من فقدهم لقريب أو صديق من جراء حوادث الطرق.
ولاحظت ايضا خلال تواجدى من توفر معلومات بسيطة عن معنى العناية المركزة وبيئتها لدى أقارب المرضى، وذلك من خلال متابعتهم للصحف والأخبار وربما الأفلام التلفزيونية والسينمائية، إلا أنه يختلف الوضع تماماً عندما يرون قريبهم في حالة حرجة داخل العناية وخطر الموت أقرب له من أمل الحياة.
وللحقيقة، فأنا وكثير من اهالى المرضى الذين يرافقون ذويهم داخل المستشفى - كنا شهود عيان على الجهود الكبيرة والمضنية التى يبذلها الفريق الطبى من أطباء وتمريض واجهزة معاونة فى مستشفى بنها الجامعى، الذى اصبح وبحق صرح شامخ يخدم أعداد كبيرة من المرضى والمترددين عليها من محافظة القليوبية والمحافظات المجاورة، ورغم أعمال التطوير المستمرة بالمستشفى، إلا أنها تعمل بكفاءة عالية على قدم وساق وتستقبل أعداد كبيرة من المرضى يوميا، إضافة إلى تقديم خدمة طبية متميزة داخل الأقسام الداخلية، ووراء هذه الانجازات شخصيات وطنية عظيمة تؤدى الامانة والرسالة على أكمل وجه، أمثال الاستاذ الدكتور ناصر الجيزاوى رئيس جامعة بنها والاستاذ الدكتور عمرو الدخاخنى المدير التنفيذى لمستشفيات بنها الجامعية والاستاذ الدكتور محمد الاشهب عميد كلية الطب والسادة أعضاء هيئة التدريس والاستاذ الدكتور أحمد مصطفى رئيس قسم العناية المركزة وفريقه الطبى المحترم... نسال الله ان يديم علينا جميعا نعمة الصحة والستر وان يحفظ مصرنا من كل مكروه وسوء.