جاءت الصورة التي نشرتها صحيفة 'جيروزاليم بوست' للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي برفقة نظيره الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، في توقيت لم يكن عشوائيًا، بل حمل في طياته رسالة ضمنية أثارت الكثير من التساؤلات.
تزامن ذلك مع الموقف المصري الحاسم برفض تهجير الفلسطينيين من غزة، وهو ما اعتبره محللون محاولة إسرائيلية غير بريئة للضغط على القاهرة. اختيار الصحيفة لصورة تجمع السيسي برئيسي—خصم إسرائيل اللدود—دون أي سياق متعلق بإيران، يشير إلى ما هو أبعد من مجرد تغطية صحفية، بل يبدو أنه جزء من لعبة سياسية تعتمد على الإشارات المبطنة والرسائل غير المباشرة.
هذه الواقعة تسلط الضوء على كيف يمكن للإعلام أن يتحول إلى أداة ضغط سياسي، خاصة في القضايا الإقليمية الحساسة.
أشارت الصحيفة في تعليقها إلى أن السيسي التقى رئيسي في نوفمبر 2023، مضيفةً أنه أعلن مؤخرًا رفضه التعاون مع التحالف الذي تقوده امريكا ضد إيران، والذي يهدف إلى التصدي لهجماتها على إسرائيل.
موقف مصر من التهجير
في هذا السياق، أوضح الكاتب الصحفي ضياء رشوان أن نشر الصورة جاء بعد لقاء السيسي بالرئيس الكيني بوقت قصير، ما يعكس الأهمية السياسية للتقرير، خاصة أنه تصدّر موقع الصحيفة الإسرائيلية بسرعة.
وأكد، خلال مداخلة هاتفية على 'إكسترا نيوز'، أن سرعة انتشار التقرير تكشف عن أبعاده العميقة، حيث تضمن إبرازًا واضحًا لموقف مصر الرافض للتحالف الأمريكي ضد إيران.
وأضاف أن السيسي لم يترك مجالًا لأي تأويلات أو مساومات بشأن حقوق الفلسطينيين أو الأمن القومي المصري، ومصر هتفضل تقول 'لا' للممارسات الأمريكية والإسرائيلية ضد الفلسطينيين وضد التهجير.
تهديد مبطن لمصر
من جانبها، وصفت الكاتبة المتخصصة في الشأن الإسرائيلي، الأميرة رشا يسري، نشر الصورة بأنه يحمل طابع التهديد المبطن، معتبرةً إياه سقطة مهنية لصحيفة ذات تاريخ طويل مثل 'جيروزاليم بوست'.
وأكدت، خلال مداخلة هاتفية مع 'إكسترا نيوز'، أن إسرائيل تستخدم الإعلام كأداة لتوجيه رسائل خفية، سواء لاختبار ردود الفعل الدولية أو التأثير على مواقف الدول العربية.
وأضافت أن هذا التقرير يستهدف مصر بشكل مباشر، خاصة بعد تأكيد السيسي بوضوح رفضه القاطع لخطة التهجير، مشددة على أن موقف القاهرة تجاه القضية الفلسطينية ظل ثابتا منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة وحتى التوصل إلى اتفاق التهدئة الحالي، دون أن يتغير تحت أي ضغوط.
أجندة خاصة لترامب للضغط على مصر
أوضح أشرف سنجر، خبير العلاقات الدولية، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية ندى رضا عبر قناة 'إكسترا نيوز'، أن ما يجري يعكس اختلالًا واضحًا في التوازن الذي تحاول دولة الاحتلال الإسرائيلي فرضه في علاقاتها مع دول الجوار، خاصة تلك التي رفضت مخطط تهجير الفلسطينيين.
وأشار سنجر إلى أن نشر هذه الصورة يمثل تهديدًا مبطنًا للرئيس عبد الفتاح السيسي، في محاولة لإظهاره وكأنه على صلة بدولة تعتبرها الولايات المتحدة عدوة، رغم أن السياسة المصرية قائمة على التوازن.
وأضاف أن لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل أجنداتها وحساباتها الخاصة، لكن نشر هذه الصورة يبدو كجزء من استراتيجية ضغط أمريكية، تهدف إلى وضع مصر في إطار لا يخدم مصالحها أو صورتها الدولية، عبر الإيحاء بارتباطها بمحاور سياسية لا تتماشى مع التوجهات الأمريكية. ومع ذلك، تظل مصر متمسكة بموقفها السيادي، رافضة لأي ضغوط قد تؤثر على قراراتها.