«قدمت لوالدتي فى مسابقة الأم المثالية هذا العام، فهي تستحق التكريم لأنها حقا مثالية، كرمناها أنا وشقيقى بحصولنا على درجات علمية كبيرة، 'لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة '، هذه هي أحد المقولات التي ظلت أمي ترددها لتلعب دور البطولة في حياتنا، لتعبر بنا الواقع في الظروف العصيبة التي كانت تمر بها، مستعينة بالصبر والعمل والايمان وحسن الظن بالله تعالى، فكان المولى تبارك وتعالى خير معين فوقفت صامدة في مهب الريح، إلى أن استطاعت الوصول بنا إلى بر النجاة». هكذا بدأت تروي الدكتورة شيرويت جوان لـ'أهل مصر' قصة كفاح والدتها: تزوجت أمي سميرة حسن عبده الدمك 'مدير حسابات البريد المصري 'بالمعاش '، التى تبلغ من العمر 69 عاما من أبي الشيخ محمود جوان 'مدير عام بالإدارة المركزية لمنطقة بورسعيد الأزهرية ' بالمعاش'، وكان أبي راتبه متواضع فوقفت بجانبه لإتمام بيت الزوجية وامتدت هذه المساعدة طيلة الحياة، لمواكبة المصاريف المعيشية إلى أن رزقها الله بشقيقتي شاهندا إلا أن فرحتها بالابنة الأولى لم تكتمل، فقد تأخرت في الحركة والنطق وتألمت أمي لمرض شقيقتى كثيرا بعد توقيع الكشوفات الطبية، وتبين أنها تعاني من تخلف عقلي مزمن منذ ولادتها نتيجة ضغط جهاز الشفاط على مركز التخاطب والحركة بالمخ.
الحاجة سميرة مع أسرتها
وتابعت الابنة: تكبدت أمي الكثير من مصروفات العلاج، وجلسات التخاطب والعلاج الطبيعي، و تعديل السلوك، ثم رزقها الله بيِّ وبشقيقى محمد،
فتولت رعايتنا وتربيتنا وتعليمنا، فحصلت على درجة دكتوراه الفلسفة في أصول التربية، تخصص إدارة تعليمية بتقدير ممتاز، وحصل شقيقى'34' سنة علي بكالوريوس الهندسة الميكانيكية، تخصص طاقة بتقدير عام جيد جدا بترتيب الأول على دفعته ، لنعوض أمنا عن لحظات التعب والشقاء التي عاشتها من أجل وصولنا لتلك المراحل التعليمية.
وفي أحد فترات حياتنا أصيب أبي بنسبة عجز بالعمود الفقري، إثر حادث سيارة بطريق إسماعيلية القاهرة، مما أثر سلبا على حركته وعمله، إلا أن أمي أنفقت الكثير محاولة منها في علاجه، إلى أن تحسنت حالته الصحية واستقرت وعاد إلى عمله.
وأضافت الابنة: اتسمت أمي بالصلابة والقوة في معظم المواقف، رغم حاجتها للسند والمعين، فكانت تقوم بدور الأب والأم معا وتعاملنا بكل حنان أغلب الوقت، وبشدة وقسوة في أحيان أخرى إذا تطلب الأمر منها ذلك.
الدكتورة شيرويت أثناء حصولها على الدكتوراة
واصلت أمي الليل بالنهار لتذاكر لنا، وسهرت على راحتنا وعلاجنا، وتحاملت على نفسها وظلت تنفق علينا بإرادة قوية، قهرت الواقع القدري لتصل بنا إلى أعلى المراكز العلمية والعملية، وبذلت أنا وأخواتي قصارى جهدنا لنحقق لأمي الحلم، الذي طال انتظاره ف كما قررت أمي تحقق حلمها فينا وبنا، أصبح كذلك مبلغ همنا هو إسعادها بتفوقنا الدراسي وتميزنا علميا طيلة دراستنا وعمليا.
و لفتت الابنة اجتهدت أمي وكافحت معنا علي حساب صحتها، حىي توفر لنا حياة كريمة ولم تكل حتى تلبي لنا كل متطلباتنا، من ( مصاريف مدارس وكليات- كتب- كورسات- ملابس أعياد- مواسم)، بنفس راضية مطمئنة بأن الله معها.
ثم أصيبت أمي بسرطان على الكلى اليسرى، الأمر الذي أصبح من الضروري إجراء عملية لاستئصالها بالكامل، ورغم كل ذلك لم ينقطع عطاؤها ولم ينضب ، ثم بعد ذلك تفرغت أمي لتجهيزنا، فتزوج أخي ب'طبية' كريمة الخلق ومن أصل طيب.
و اختتمت الابنة قد تتعجبون من قراءتكم لبعض ملامح كفاح والدتي، وتعتقدون أنها ضربا من الخيال، إلا أنها نسجت قصتها من خيوط المعاناة، فهي ما عانقت اليأس يوما، لأنها توكلت على رب كريم وفوضت أمرها إليه وحده.