نشرت الجريدة الرسمية، في عددها الصادر اليوم الإثنين، قرارا بتحديد سعر رغيف الخبز السياحي والفينو، بشكل جبري إذا تخطاه البائع سيتعرض لغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تزيد عن 5 ملايين جنيه، وفقًا للمادة 22 مكرر من قانون حماية المنافسة.
وأعاد القرار للأذهان فكرة تطبيق التسعيرة الجبرية، لوضع حد لغلاء الأسعار في الأسواق المصرية حاليا، حيث يرى البعض أنها كفيلة للتحكم في الزيادة غير المبررة لأسعار بعض السلع، والخلاص من جشع التجار، خاصة بعد وصول الزيادات إلى 40% على بعض المنتجات، وسط مخاوف من عودة السوق السوداء، واختفاء بعض السلع.
فيما يرى كثيرون أن التسعيرة الجبرية ستكون ردة اقتصادية، لأننا نعيش في ظل السوق الحر، الذي يكفل العرض والطلب، ليجدوا أن ذلك في مصلحة المواطن.
تراجع اقتصادي
وقال هشام كامل سعد الله، وكيل أول وزارة التموين بالجيزة سابقًا، إنه في ظل الاقتصاد الحر كل منتج يأخذ عملية الإنتاج بدون تسعير، فلا يفضل وضع تسعيرة، ووجود التسعيرة الجبرية يخلق سوق سوداء، فاليوم نتعامل مع اقتصاد منافس، والدولة تنافس في حال وجود احتكارات أو مظاهر احتكارية، فلا يجب العودة للتسعيرة الجبرية، فهي قُتلت بحثًا وأحرزت نتائج خاطئة، ونجد أن السلعة في السوق لها أكثر من سعر، والدولة تبيعها بسعر آخر، وفي السوق السوداء تباع بسعر ما يخلق مشكلة.
أضاف "كامل"، أن عودة التسعيرة الجبرية يعد تراجعًا اقتصاديًا، حيث نتعامل الآن مع الاقتصاد الحر، مشيرًا إلى أن عودتها سيجعل بعض السلع تختفي، لتظهر في السوق السوداء، والآن عندما نضع سعرًا تنافسيًا، يستطيع المواطن الحصول عليها بسعر جيد، وعندما تبيع الشركة القابضة السلع في المجمعات الأستهلاكية والمعارض وغيرها بأسعار تنافسية فنحن نحد من الاحتكار.
واستطرد وكيل وزارة التموين السابق، أنه لا يوجد تسعيرة جبرية غير في بعض السلع البترولية كأنبوبة الغاز، والبنزين، والسولار، الرغيف العيش، والسجائر، لكن بخلاف ذلك لا يوجد، حيث تنتج الشركات السلع.
وكشف عن دور الدولة في التصدي لغلاء الأسعار وقال إن الشركات القابضة التي تمتلكها الدولة، لديها مخزون اقتصادي من السلع، وتخرجها عند وجود احتكار، فعندما يجدها المنتج أو المستورد للسلعة، يخضع لسعر العرض والطلب، ما يساهم في منع الاستغلال والاحتكار، مشيرًا إلى أنه في ظل السوق الحر لا نستطيع المنافسة غير بتلك الطريقة، فالدولة لا بد أن تكون جاهزة، لتقوم بنوع من الأمن القومي والسلام الاجتماعي.
وأعلن أن مسئولية التاجر مسئولية وطنية، وأن الغرف التجارية في مصر جميعها تشارك في كل شيء، ولهم مبادرات جيدة جدًا يشاركون بها الوزارة في كافة المناسبات.
وأشار إلى أن عودة التسعيرة الجبرية يعود للقيادة السياسية، فإذا وجدت أن التسعيرة الجبرية في بعض السلع سيحقق الأمن القومي، والسلام الاجتماعي، فيكون اللجوء لها أمر ضروري.
الأسعار الاسترشادية عادية
وقال إبراهيم محمود العربي، رئيس اتحاد الغرف التجارية، إن التسعيرة الجبرية تم إلغاؤها منذ وقت طويل، ويوجد حاليًا "أسعار استرشادية" وهي السعر العادل طبقًا لآليات السوق، وأنها ستظهر كل يوم صباحًا، من جميع الغرف، بمتابعة لحال الأسواق كافة، على سبيل المثال السعر في سوق العبور، سوق أكتوبر، في المجمعات الحكومية، يكون هو السعر الاسترشادي الذي يعرفه الجمهور لتحرك على أساسه.
وأشار "العربي"، إلى أن التسعيرة الجبرية لم تعد موجودة، بسبب تغيير السوق، إذ أصبح سوقًا حرًا، يتحرك تبعًا لآليات السوق، الذي يعتمد على وفرة البضاعة، وعدالة توزيعها، والتي تنص على وجود كمية مناسبة للاستهلاك والمرتجع.
وأضاف "العربي": "لدينا كميات وبضائع مستوردة من قبل الأزمة، والتسعيرة الجبرية تعيدنا لوقت الطوابير، والتسعيرة والدلالات وإخفاء البضائع، على أساس أن الكمية انتهت، ولكن يبيعونها في الخفاء.
ولفت "العربي" إلى أن الأسعار الاسترشادية ستخدم المواطن، حيث عندما يعلم المواطن أن السعر الاسترشادي لسلعة ما جنيه واحد، ووجد بائع بيبعها بجنيه ونصف، سيبحث عن أماكن تبيعها بجنيه واحد، ومنها سوق العبور، وسوق 6 أكتوبر، المجمعات، وتلك الأسعار والأماكن سوف تعلن يوميًا، عبر الراديو، والتلفاز، وغيرهم.
ليست في صالح المواطن
وقال النائب عامر الشوربجي عضو لجنة عضو لجنة الزراعة والري والأمن الغذائي والثروة الحيوانية في البرلمان، إن التسعيرة الجبرية لا تزال موجوده في بعض السلع، ولا يستطيع أحد تخطيها، فهي موجودة في السكر والزيت، وغيرها من السلع الااستراتيجية، وتختلف في سعر الأرز على حسب جودته، مشيرًا إلى أن موضوع التسعيرة الجبرية ليس من الصعب تحقيقه على أرض الواقع.
وأشار "الشوربجي"، إلى أن التسعيرة الجبرية، أمر قديم، الآن يوجد شركات متعددة، والدولة والقوات المسلحة، يوفروان كافة السلع، مستهدفين التخفيف عن كاهل المواطن، موضحًا أن هناك العديد من الجمعيات، ومنظمات المجتمع المدني، والجمعيات الاستهلاكية، وأمان، والقوات المسلحة وغيرها، تساعد في تخفيف وطأة غلاء الأسعار عن المواطن، ويحاولون توفير السلع بأسعار جيدة.
وأوضح أن التسعيرة الجبرية ليست في صالح المواطن، حيث من المحتمل وضع منتجات بجودة أقل وبيعها بالتسعيرة الجبرية، حيث أننا اليوم في ظل السوق الحر، نستطيع شراء المنتج من المكان بالجودة التي نريدها.
أزمة اختفاء سلع
أكد أحمد محمد دياب، عضو لجنة الاقتصاد بمجلس النواب البرلمان، أن التسعيرة الجبرية ويقظة الأمن والأجهزة المحلية، يمكنهم ضبط غلاء الأسعار، لأننا دخلنا في مرحلة التضخم وتلاها مباشرة الحرب الروسية الأوكرانية والتي أثرت في الاقتصاد بشكل كبير، ما جعل التأثير علينا كبيرا، نظرًا لارتباطنا بأوكرانيا في مستلزمات الحياة الخاصة بنا، فالحل الوحيد هو فرض تسعيرة جبرية ليلتزم بها جميع المواطنين، بالإضافة إلى تكميم المنطقة الخاصة بتخزين السلع والتموين، الاحتكار.
أوضح دياب أن لدينا الآن شقين من المخزون الأول المشترى من التجار بالسعر القديم والشق الثاني المخزون المشترى من التجار بالسعر الجديد.
وأضاف دياب أن تطبيق التسعيرة الجبرية لا يخفي السلع حيث يتوافر لدينا مخزون من السلع، والمشكلة لا تكمن في زيادة الأسعار، بل في اختفاء السلع، ما يخلق نوع من الارتياب، فيجري الجميع لتخزينها، ما يسبب طفرة غير منطقية في السعر، لكن التسعيرة الجبرية، يكون لها رد فعلا جيد جدًا عدن التجار، الذين لا يستطيعوا البيع بثمن أعلى ، والمشتري يعلم مسبقًا سعر السلع، ما يخلق توزان في السوق ما بين العرض والطلب.
ونفى أحمد دياب أن التسعيرة الجبرية تخلق سوق سوداء، إلا في حالة إخفاء السلع الممنهجة، ويوجد الآن آليات عديدة لمواجهة ذلك، فلا يستطيع أحد إخفاء شيء، مشيرًا إلى أن التسعيرة الجبرية بإمكانها حل العديد من العقبات التي نواجهها خاصة في الفترة القادمة أثناء التضخم.
أشار أن غرامة مخالفة التسعيرة الجبرية تتراوح ما بين 500 ألف إلا 10 مليون، وسجن سنتين، تبعًا لنوع المخالفة وتكرارها.
وكشف "دياب"، عن أن التسعيرة الجبرية تتنافى مع السوق الحر، في العديد من الحالات، مشيرًا إلى أن السوق الحر يكون في حالة الاستقرار، لكننا الآن في حالة طوارئ، مشيرًا إلى أن السوق الحر يسمح بغلاء الأسعار على حساب المستهلك لحساب التاجر والمحتكر في أوقات الأزمات.
وأوضح أحمد دياب، أن الدولة بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسي قامت جميع هيئات المجتمع المدني، والمجتمع الخدمي، والهيئات الموازية، والحكومة ذاتها، بإطلاق العديد من المبادرات، والتي وصلت إلى 70 اليوم، لإقامة معارض استهلاكية للمواطنين بأسعار مخفضة، ما يخلق نوع من التوازن، لتخفيف العبء عن كاهل المواطنين.